الحب :
قلت لصديقي: هل جربت الحب؟ وهل ارتويت من نبعه الصافي الجميل؟ أعلم أنك ستقول " نعم" لأجيبك أنا بـ"لا".
فالحب الذي قصدته ليس ذلك الحب الذي يحبه الابن لأبيه أو يحبه الأخ لأخيه ، لم أقصد حب الإنسان لماله أو حبه لعياله.
إنما قصدت نوعا فريدا من أنواع الحب ، نوع يرتقي بالنفس إلى أعلى مراتبها ، نوع تذرف من أجله العبرات، ويملأ القلوب أفراحا ومسرات . إنه الحب الإلهي.. إنه حبك لربك .
قد تقول لي :وهل يحب الإنسان ربه؟!
وأجيبك قائلاً " نعم" .. إنها علاقة حميمة بينك وبين ربك، ألم يقل سبحانه " يابن آدم أنا لك محب ؛ فبحقي عليك كن لي محبا" إنه حب بين اثنين .. أنت وربك ، هذا الحب الذي يكون ربك دوما البادئ به، أنت تنسى.. أنت تعصي .. أما هو فلا ، هو يذكرك فلا ينساك ، هو دوماً معك في حلك وترحالك .. يقول: من يجيب المضطر إذا دعاه ؟ ثم يقول: أنا أجيبه ، أنا أغثه ومن ذا الذي يجيبه إن لم أجبه أنا ؟!
إنه هو.. هو وحده القائل : " أنا لك محب" أرأيت ملكاً يقول لمملوكه " أنا لك محب " ؟
ابحث لتنتهي إلى بابه وحده ، بابه الذي لا يوصد أبداً.إنه هناك ..مفتوح دوماً ، مفتوح للتائبين.. مفتوح للعابدين ..
مفتوح للسائلين .. مفتوح لمن أراد الحب.
انظر لجسدك مليا ثم تأمل التناسق الذي فيه ثم فكر ثم اعترف بالفضل واعترف بالخطيئة.
إنه ينادي هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟هل من مستغفر فأغفر له؟بالله عليك من ينادي من!
أليس هذا هو الحب؟ أليست هذه هي الرحمة؟
أوحى الله إلى داود فقال" لو يعلم المدبرون عني شوقي إليهم لماتوا شوقا إلي ، يا داود إن كان هذا حالي بالمدبرين عني فكيف يكون حالي بالمقبلين علي؟"
أليس بعد هذا كله أن نحبه؟ إن العقل والمنطق يقولانها، يقولان بلى، هو أول من يحب وأول من يطاع .
قال لي ربي : " أنا لك محب" .. قلت: ربّ أرني وجهك الكريم .. دلني عليك .. أرني طريقك. قال : تأمل من حولك ، انظر ..تعمق بقلبك وفكرك ، اترك نفسك وجسدك ، ثم تعال .. تعال وحدك .. وسوف تراني ..
ففعلت، فرأيت ربي .. رأيته في شروق الشمس، في أفول القمر ، رأيته في دبيب النمل.. في صراخ الطفل .
رأيته ، نعم في كل شيء .. هو الذي يستدل به ولا يستدل عليه. هو النور يهدي من فتح قلبه قبلعينيه . إنه هو.. إنه ربي .. إنه الله
يارب تنول اعجابكم
منتـــ روميو ــــدى